نظرية التطور وخلق آدم عليه السلام

أترك تعليقا

نظرية التطور وخلق آدم عليه السلام

كيف خُلق سيدنا آدم عليه السلام؟ وهل جاء بنتيجة تطور من مخلوق آخر؟ وهل نظرية التطور صحيحة.. دعونا نناقش هذه القضية....

في كل يوم تظهر إثباتات جديدة على وجود تطور يحكم الكائنات الحية عبر ملايين السنين، وأمام هذه الأبحاث لا يمكننا كمسلمين أن نتخذ موقفاً معارضاً بحجة أن التطور يتناقض مع القرآن، لأن الله تعالى تحدث في القرآن عن التطور وعن خلق الإنسان من سلالة وتحدث أيضاً عن الأطوار في الخلق... فهل نرفض هذه النظرية للأبد من دون دليل قرآني واضح على أنها خاطئة تماماً؟؟
في بحث سابق أكدنا أن القرآن يتفق مع العلم ولا يمكن أن يكتشف العلماء شيئاً يناقض القرآن.. لأن خالق الكون هو منزل القرآن عز وجل.. ولكن العلماء يحاولون اكتشاف الحقيقة ولذلك يضعون التصورات والنظريات التي قد تصيب وقد تخطئ، ولكن كتاب الله لا يخطئ أبداً.
فالله تعالى يقول: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ) [الحجر: 26-27]، هذه الآية تقرر أن الله خلق الإنسان من الطين المسخن، وتقرر أن الله تعالى خلق الجن من النار، فإذا لم يكتشف العلم حتى الآن أي مخلوق من عالم الجن ولا يعلم العلماء شيئاً عن المادة التي خُلق منها، فهل نقول إن القرآن كتاب غير صحيح بحجة أن العلماء لم يعثروا على الجن!
طبعاً العلم يكشف في كل يوم شيئاً جديداً، وقد يكشف أشياء مستقبلاً عن عالم الجن إذا أراد الله ذلك. أما الإنسان فلم يعثر العلماء حتى الآن على بقايا الإنسان الأول الذي سكن الأرض قبل آلاف السنين، كل ما عثروا عليه بقايا أسنان أو أجزاء من عظام الجمجمة... ونتيجة الاجتهاد والتحليل والدراسة قالوا إن الإنسان تطور عن قرد!! ومر بمراحل، العصر الحجري حيث استخدم الإنسان الحجارة كأدوات للصيد وغير ذلك... وهناك العصر البرونزي.. وهكذا.. ولكن هل هذه هي الحقيقة؟
وهل يعني وجود بقايا عظام متحجرة تعود لمليون سنة أن الإنسان كان موجوداً ويعيش بهذه الطريقة.. كلها اجتهادات من العلماء وافتراضات. مثلاً افترضوا أن الإنسان الأول لم يكن يعرف اللغة ونتيجة آلاف السنين تطورت اللغة عند الإنسان...
كل هذه الافتراضات تأتي من عدم وجود مستند علمي لدى العلماء، فيتوقعون ويتصورون كيف خلق الإنسان وكيف تطور وكيف كان يعيش... ولكن هل هذه الحقيقة فعلاً، ومن يستطيع أن يجزم بذلك؟ لذلك يا أحبتي لا تنساقوا وراء نظريات تناقض القرآن لأن الذي يتعمق في الإعجاز العلمي يجد بأن العلماء يخطئون كثيراً حتى يصلوا للحقيقة. بينما القرآن لا يخطئ لأنه كلام خالق الإنسان..
لقد خلق الله الإنسن في أحسن تقويم وليس مطلوباً من المؤمن أن يبحث في كيفية الخلق إذا سبب له هذا البحث بعض التشويش أو التناقضات الظاهرية، لأن هدف البحث في بدايات الخلق هو مزيد من الإيمان بالله تعالى، وننصح باتباع القاعدة التالية: كل ما يناقض القرآن فهو باطل وكل ما يتفق مع القرآن فهو الحق.. بشرط أن يكون يقينياً وليس ظنياً،
ونظرية التطور هي مسألة ظنية في العلم وليست يقينية.. فنحن لم نشهد تحول قرد إلى إنسان، ولا توجد حتى نظرية ضعيفة تخبرنا بالآلية التي تحول فيها القرد إلى إنسان، وما هي التغيرات الوراثية والفيزيائية وكيف تمت.. هي مجرد فرضيات لا أكثر ولا أقل.
وعلى سبيل المثال: كيف تمكن الإنسان المتحول من قرد من النطق وكيف تمكن من استخدام عقله في تسخير الكون لخدمته، وكيف تمكن من ممارسة الضحك أو البكاء... إن كل من يقول بتحل القرد لإنسان يفترض ذلك افتراضاً دون أن يقدم ولو مجرد تصور لآلية التحول... فكيف نأتي ونقول إن نظرية التطور صحيحة مئة بالمئة!!
وملخص القول أن نظرية التطور صحيحة في معظمها من حيث تطور المخلوقات وتحول الأشكال حسب البيئة والظروف الطبيعية.. هذا لا ينكره أحد، كذلك هناك تطور في عملية خلق الإنسان، فالإنسان الأول ليس مثل الإنسان اليوم هناك تدرج وتطور في الحجم والشكل واللون ونسبة الذكاء..
أما بالنسبة لخلق سيدنا آدم عليه السلام لدينا احتمالين:
1- الاحتمال الأول: خلق سيدنا آدم من التراب والماء (الطين.. ثم تسخينه) خلقاً مباشراً أي أن الطين تحول إلى مخلوق نفخ الله فيه من روحه بطريقة تليق به عز وجل، وهذا ما نعتقده. ولا داعي لأن نضع التصورات... لأن هذه القضية لا تخدم الإسلام ولا تقربنا من الله..
2- الاحتمال الثاني: أن يكون سيدنا آدم قد خُلق من مخلوق سابق له بنتيجة تطور ما، هذا التطور أنتج مخلوقاً مختلفاً تماماً عن المخلوق الذي سبقه، وهو سيدنا آدم ... وهذا الاحتمال سيسبب لنا مشاكل كثيرة مع النص القرآني، فمثلاً من هو أبو سيدنا آدم؟؟! وإذا كان له أب، فكيف يخاطب الله البشر بقوله (يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ) [الأعراف: 27].
وسوف يسبب لنا مشكلة مع بعض الأحاديث الصحيحة وبعض الآيات القرآنية مثل نفخ الروح في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [الحجر: 28-29]. فمثل هذا الأمر لا يمكن للعلم أن يكتشفه لأن الله يقول: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85].
وفي حال ثبت يقيناً أن الإنسان الأول تطور من مخلوق قبله بنسبة مئة بالمئة، وبشكل نراه بأعيننا ولا يقبل الشك... عندها ينبغي علينا قراءة الآيات قراءة جديدة، بشكل يتطابق مع العلم اليقيني... وهذا احتمال ضعيف أن يكتشف العلماء طريقة خلق سيدنا آدم لأن الله يقول: (مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا) [الكهف: 51].
وأخيراً أنصح إخوتي من الدارسين لعلم الأحياء والطبيعة أن يعتقدوا ما يتطابق مع كتاب الله، لأن هذه النظرية وغيرها لن تنفعهم يو لقاء الله... الذي ينفع هو الإيمان بالغيب وبكل كلمة وردت في القرآن مهما وضع العلماء من نظريات وفرضيات... والله أعلم.
ــــــــــــ
المراجع



The Origin of Species, Charles Darwin, 2004 Castle Books

The Selfish Gene, Richard Dawkins, 2006 Oxford University Press, USA

0 التعليقات:

إرسال تعليق